شرح حديث “احفظ الله يحفظك”
أخرج الإمام الترمذي في سننه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، قال:
“كنتُ
خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ، إني
أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا
سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو
اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإن
اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك،
رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ.”
معاني المفردات الواردة في الحديث:
- غُلامٌ: لفظ يُطلق على الولد من ولادته إلى ما قبل بلوغه.
- تجاهكَ: أمامك، مقابلك.
- استعَنتَ: طلبت العون والمساعدة.
- يضرُّوكَ: يؤذوك.
- رفعت الأقلام وجفّت الصحف: أي انتهى الأمر؛ فقد قدّر المقادير وكتبها.
المعنى العام للحديث:
يدلّ
الحديث النبوي على مجموعةٍ من الوصايا المهمة التي أوصى بها النبي صلى
الله عليه وسلم الصحابي عبد الله بن عباس وهو طفل صغير. وفيما يلي بيان تلك
الوصايا وما تحتويه من فوائد:
حفظ العبد لله:
- يُعنى
بحفظ العبد لحدود الله من خلال الالتزام بأوامره والقيام بالطاعات، كما
يشمل اجتناب المعاصي. فمن يحرص على حفظ الله، سيجد الله يحقق له الحماية
والرعاية في أموره كلها. فيحيا على طاعة الله ويموت أيضًا على طاعة.
حفظ الله للعبد:
- حفظ الله يحصل على نوعين:
- حفظ الدين: بحفظ العبد من الوقوع في المعاصي والآثام.
- حفظ الدنيا: كحفظ الجسد والمال من الأذى.
الاستعانة بالله:
- يجب على المسلم أن يستعين بالله وحده ويطلب المساعدة منه في جميع أمور حياته، بعيدًا عن الذل للناس وطلب المساعدة منهم.
الإيمان بأن النفع والضرر بيد الله:
- ينبغي
أن يعلم المؤمن أن النفع والضرر ليسا بيد البشر؛ فإن جميع أفراد الأمة لو
اجتمعوا على أن ينفعوا أي أحد، لن يستطيعوا إلا بما كتبه الله له، وبالمثل،
لا يمكنهم إلحاق الضرر به إلا إذا كان ذلك قد كُتب عليه.
يقين أن الأمور مكتوبة:
- يؤكد الحديث على ضرورة إيمان العبد بأن كل شيء يحدث له هو مكتوب عند الله قبل خلقه، مما يُعزز الثقة بالنفس أمام التحديات.
أبرز الفوائد من الحديث:
- أهمية الالتزام بأوامر الله: يُبرز الحديث كيف أن الالتزام بأمر الله والإكثار من الأعمال الصالحة له أثر كبير في زيادة محبة الله للعبد.
- الحث على طلب العون من الله: يُشجع الحديث المسلمين على اللجوء إلى الله وطلب العون والمساعدة في جميع شئون حياتهم.